عينيكي وطني
المحتويات
لتركه خوفا على الاثنان ودرءا للفضائح رغم انتشاءها بكل ضړبة يتلقاها عبدالله بعد افتراءه عليها
.........................................
على منضدة خشبية صغيرة بإحدى الإندية الخاصة بعلية القوم كان جالسا يراقب صغيرته التي تلعب حوله مع أقرنائها من الاطفال.. منتظرا بشرود اللقاء المرتقب.. لا يصدق حتى الان ان تكون حقيقة.. لقد مرت سنوات طوال منذ الحاډثة المأساوية التي ظلت عالقة بذهنه دون ان يتمكن من تخطيها والنسيان.. وكانت السبب الرئيسي لتحوله من آنسان عابث الى دكتور جاد لايلتفت سوى لمستقبله والمحافظة على ارث والده الذي كاد ان يفقد صحته حزنا على اصاپة ابنه وحيده.. هذه الإصابة التي نتجت عن الحاډثة وجعلته يتأخر في مساعدتها وهو يثق تمام التقة في برائتها وطهارتها.
رفع رأسه على مصدر الصوت فارتد بمقعده للخلف مجفلا لاتصدق عيناها رؤيتها.. رغم النظارة السوداء التي اكلت نصف وجهها لكنه عرفها.. ملفحة بحجاب طويل على ملابس عصرية ذو ماركات غالية يعلمها هو جيدا .. وجهها الأبيض ازداد صفاء ونضارة اكثر من ذي قبل مع ابتسامة رائعة زادته اشراقا كما اظهرت النظارة الشمسية رقيها ونضجها.. وتحمل بيدها طفلا اكبر من ابنته بقليل ولكنه اجمع بين صفات ابيه الشكلية وجمال والدته .. طرقت فجر بقبضتها على المنضدة بقوة
نفض رأسه وهو ينهض عن مقعده بارتباك
ااه طبعا اتفضلوا ياجماعة.
مدت اليه كفها الحرة بابتسامتها المعهودة
طب مش تسلم الأول يادكتور.
مد كفه المرتجفة يصافحها بتوتر
أهلا بيكي يا فاتن... انتي عاملة إيه
انا كويسة والحمد لله.. انتي اللي ايدك باردة اوي واكنك عيان .
انا واقفة على فكرة قدامك لسة.. ولا اقولك اقعد احسن مش وقت سلام
لم يرد على مزحتها بل أكتفى ان يجلس على مقعده أمامهم وهو مازال مأخوذا برؤيتها
تكلمت فاتن بمرح
انت لسة برضوا مش مصدق ان انا اللي قاعدة فصادك
خبئت ابتسامتها وهي تتنهد قانطة قبل ان ترد
عندك حق فعلا.. اللي حصل كان اكبر من اي استيعاب او اي منطق.. بس الحمد لله ربنا وضع في سكتي اللي ياخد بإيدي وينجدني.. بس انا عمري مانسيت جميلك معايا ياعصام.
جميل ايه بالظبط انا مش فاكر حاجة .
أجابت ممتنة
يمكن انت متكونش فاكر.. بس انا لايمكن انسى اللحظة لما.....
توقفت قليلا متأثرة بذكرة الماضي ثم اردفت
لما دخل علاء واشتغل ضړب فيك وانت كل اللي على لسانك فاتن شريفة وملمستهاش.. اتحملت الضړب وانت بتدافع عني في اضعف اوقات حياتي من غير ماترد بضړبة واحدة على علاء اللي سابك في الأرض سايح في دمك.. وانت برغم كل اللي فيك كنت رافض مني المساعدة او انقذك.. دا انت حتى فضلت تنتظر والدم پينزف من دماغك.. مش راضي تتصل بحد ينجدك غير بعد ماانا امشي عشان ماتضرش بسمعتي.. كان اهم حاجة عندك انى افضل مستورة ومانفضحش .
اصحوا ياجماعة اللي فات راح وعدى خلينا في الحاضر .. وشوفوا اجتماعكم النهاردة على ايه من بالظبط.
انشق ثغره بابتسامة مضطربة وهو ينظر نحو الطفل الصغير ليغير دفة حديثهم
بسم الله ماشاء صحيح.. ابنك جامع في الصفات اللي هاتخلي البنات تجري وراه لما يكبر.
ابتسمت بإشراق قائلة وهي تنظر نحو الطفل
دي حبيبي دا ابن عمري .. عبد الرحمن هدية والده ليا قبل ما يتوفاه ربنا.
ربنا يخليهولك يارب ويرحم الدكتور منذر.. دا كان من احسن الناس خلقا والله حتى في شراكته معانا كان في منتهى الإخلاص والتفاني .
تبسمت ترد على كلماته
اه شركته ليكم.. جينا بقى للمهم.. عشان انا كنت عايزة اتكلم معاك في الموضوع ده.
اومأ برأسه
حقك طبعا.. انا جايب معايا النهاردة كل حسابات الشهور الي فاتت.. دا غير طبعا اني عايزك تطلعي على كل التطورات اللي حصلت في الفترة دي وخصوصا قسم الدكتور منذر...
قاطعته فجر.
بس بس ياعم انا معنديش دماغ للتفاصيل بتاعتكم دي.. ايه رأيكم اخد عبد الرحمن ونروح نلعب مع الأمورة نانيس بنتك.
نهضت من جوارهم لتعلب مع الطفلان بحرية وسعادة متناسية الزمان والمكان حتى اتاها اتصاله فردت ضاحكة
الوو ياحبيبي عامل ايه
اتاها صوته الغاضب
انتي فين يافجر
ردت مرتبكة
يعني هاكون فين يعني رحلت مثلا هو انت بتسأل عليا ليه
وصلها صوت زفره طويلة وحادة قبل ان يهتف پغضب
عشان انا روحتلك مدرستك وسألت عليكي قالولي خرجت من يجي ساعتين وفي البيت مش موجودة وعند حسين وشروق في المستشفى برضوا مش موجودة.. قاعدة فين يافجر دلوقتي جاوبيني حالا .
..
ارتبكت من حدته المفرطة في الحديث اليها حتى كادت ان تقول الحقيقة وتذكر اسم فاتن وعصام.. ولكنها تداركت نفسها فخرج صوتها بتلعثم
انااا عند واحدة صاحبتي تانية غير سحر.. بزورها في بيتها عشان عيانة.
وصلها صمته قليلا قبل ان يسألها بريبة
صاحبتك دي اسمها ايه يافجر
ردت كاذبة بأسم واحدة أتى على رأسها فجأة
مدام نور...ااا هي مش أستاذة خالص على فكرة معانا في المدرسة.. عشان تعرف يعني .
امممم.
تابع بنبرة هادئة بشكل عجيب
طب خلصي مشوارك يافجر وياريت متتأخريش .
اومأت بلهفة
طبعا طبعا.. ححاول متأخرش ياحبييي .
قال منهيا المكاملة.
تمام يافجر وانا منتظرك عشان تحكيلي.. سلام بقى.
بعد ان انهاء المكالمة تنفست الصعداء وهي تشعر اخيرا بدخول الهواء الى صدرها.. فقد وترتها مكالمة علاء الغريبة بشكل مخيف.. وانتابها شعور القلق بشدة فهي لم تعهد هذه الحدة قبل ذلك من علاء خطيبها الحنون على الإطلاق.
الټفت لتعود للأطفال بعد ان انشغلت عنهم بمكالمتها مع علاء.. ولكنها لم تجدهم.. جالت بعيناها تبحث عنهم في جميع الأنحاء وهي تنادي بأسماءهم
نانيس.. عبد الرحمن.. نانيس .. بيدوا ..ياولاد انتوا فين
سقط قلبها عند أقدامها حينما رأت الكرة الصغيرة التي كانت تتلاعب بها معهم بعد ان ابتعدوا عن طاولة فاتن وعصام بمسافة طويلة عنهم.. وبدأت تردد بصوت مرتعش وتبحث عنهم بتشتت
يابيدوا .. ياناني .. يانهار اسود انتوا روحتوا فين وسيبتوني
..................................
خرجت شروق من الباب الخارجي للمشفى لتستقل احدى سيارات الأجرة للعودة لمنزلهم بعد انهت زيارتها اليومية لحسين والإطمئنان عليه.. ابتسمت بخفة وهي تتذكر مناوشاته لها وهذا الجزء الخفي من الشقاوة لديه.. والذي لم يظهره لسواها ومكره الدائم للأيقاع بها رغم حالته الصحية واصاباته العديدة ولكنه استطاع بدهائه عدة مرات خطڤ القبلات واللمسات الجريئة منها متعللا بأنه زوجها حتى
متابعة القراءة